بين النيابة "الاستئنافية" و"المالية" في لبنان
في خضمّ الواقع الاقتصادي والمالي الدقيق الذي يمرّ به لبنان، برزت الحاجة إلى توضيح الحدود الفاصلة بين صلاحيات "النيابة العامة الاستئنافية" و"النيابة العامة المالية"، خصوصًا في الملفات التي تتقاطع فيها الجريمة الجزائية مع الجريمة المالية والمصرفية. فالتداخل بين هذين الاختصاصين يفرض قراءة قانونية دقيقة بعيدا عن الشعبوية والخلط الإعلامي.
بين التحريض وغياب الميزانية.. الأمن في تعز يقف وحيداً
في مدينة تعز التي أنهكتها الحرب وكثرت فيها الهموم ، تقف المؤسسة الأمنية وحيدة وتواجه التحديات وحدها، كل يوم نسمع أصواتا تهاجم الأمن وتتهمه بالتقصير، لكن القليل فقط يعرف أن هؤلاء الرجال يعملون بلا ميزانية تشغيلية، بلا دعم حقيقي، ومع ذلك ما زالوا واقفين في الشوارع والطرقات يحاولون حماية الناس.
السوق المصري بين الوهم والانهيار الهادئ
هل تشهد مصر موجة جديدة من تراجع أسعار السيارات؟ سؤال يبدو في ظاهره بسيطا، لكنه في جوهره يكشف أزمة أعمق بكثير من مجرد حركة أسعار أو تصحيح مؤقت. فالسوق المصري لم يعد يتحدث بلغة العرض والطلب كما عرفناها في الكتب، بل بلغة الخوف والجشع والتردد، تلك اللغة التي لا تصنع اقتصادا مستقرا، بل واقعا مضطربا يبحث فيه الجميع عن طوق نجاة شخصي. إن ما يحدث في سوق السيارات ليس مجرد انخفاض أو ارتفاع في الأسعار، بل هو انعكاس لحالة من فقدان التوازن البنيوي في السلوك الاقتصادي للمجتمع كله.
"جيوبوليتيك الظلام": أمريكا وفنزويلا
يُعاد رسم خريطة النفوذ العالمي اليوم ليس بحدود الجيوش الكبرى، بل بخطوط أنابيب التجارة غير الرسمية والشبكات المالية السرية التي تشكل ما يمكن تسميته "جيوبوليتيك الظلام". إن الصراع المعقد وطويل الأمد بين الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث تستخدم واشنطن العقوبات المالية كأداة ضغط قصوى، وتستخدم كاراكاس اقتصاد الظل كدرع وحصن، يمثل نموذجاً ساطعاً لديناميكيات القوة الجديدة التي تهدد بتقويض الهيمنة الغربية التقليدية.
خوارزمية البقاء: التضحية بالحقيقة لتوفير الطاقة
لماذا يخدعنا عقلنا؟ ما السر وراء سرعة اتخاذ القرار؟ هل أنت منطقي حقًا؟ نحن فخورون بأنفسنا كبشر، ونعتقد أننا نتخذ قراراتنا بناءً على تحليل دقيق ومنطق سليم. لكن، خلف الكواليس في عقولنا هناك شيء آخر يحدث. دماغنا ليس "آلة حاسبة" مثالية، بل هو مصمم ليكون سريعا أكثر من كونه دقيقا. هذه السرعة تأتي على شكل "حيل ذهنية" أو "اختصارات" نستخدمها دون أن ندري، وهي ما نسميه الانحيازات العقلية.
أغنياءُ العرب وفلسفة التّبرع والعطاء
بكلّ احترامٍ وتقدير لأغنيائنا المحليين، أتساءل: أين هم من نظرائهم في الدول الأخرى في مجال العطاء والإسهام المجتمعي بالتنمية والتطور والبناء؟ هل ينفقون من أموالهم على طريق تقدم مجتمعاتهم وازدهارها العلمي والعمراني خاصة في مجالات البحوث العلمية مثلاً؟ وهل يخصصون جزءاً من تلك الأموال أيضاً لتعميق أواصر المودة والإخاء والتكافل الاجتماعي في بلدانهم من خلال الإنفاق على مشاريع خيرية إنسانية في شتى المواقع؟.
نهاية "ثقافة الترحيب الألمانية"
في أعماق التاريخ الأوروبي الحديث، تبرز ألمانيا كرمز للانفتاح والتسامح، خاصة في لحظات الأزمات الإنسانية. كانت عام 2015 نقطة تحول ساحرة، حين فتحت المستشارة أنجيلا ميركل قبل عقد من الزمن أبواب البلاد أمام مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والعراقيين والأفغان، معلنةً شعار "نحن نستطيع" (Wir schaffen das).
لماذا هدمت غزة؟
لم يكن هدم غزة حدثاً عشوائياً غير مدروس، بل كان خطوة محسوبة لاقت قبولاً ضمن تصور واسع لإعادة تشكيل قطاع غزة سياسياً وأمنياً واقتصادياً. لأن المشروعات المخططة بعد الحرب كانت ترسم صورة مستقبلية طموحة لكنها بالكامل تعتمد على استقرار أمني طويل المدى وقدرة على تنفيذ خطط معقدة في ظل واقع مأهول بالسكان المتضررين. لذا كان من الضروري في سبيل تحقيق تلك المشروعات الاقتصادية أن تتحول غزة إلى مدينة بلا ملامح بعد موجات متتابعة من القصف لهدم المنازل والطرق والمستشفيات والمدارس وكل ما يشكل حياة طبيعية للبشر.
الرؤية الفرنسية لإصلاح مجلس الأمن
في خطابه أمام الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 25 سبتمبر 2024، طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رؤية تتجاوز الطابع الإجرائي لإصلاح مجلس الأمن الدولي. إذ أكد أن مجرد إعادة تشكيل تركيبة مجلس الأمن لا تكفي لتعزيز فعاليته، بل يتعين أن يصاحب ذلك إصلاح جوهري في آليات عمله، ولا سيما فيما يتعلق باستخدام حق الفيتو.
كيف أثر الغزالي وابن رشد في الفكر الحديث؟
شهد القرنان الحادي عشر والثاني عشر ولادة اثنين من أعظم المفكرين في العالم الإسلامي، أبو حامد الغزالي (1058–1111) وابن رشد ( 1126–1198م). رغم أنهما عاشا في أزمنة متقاربة وكانا جزءا من حضارة واحدة، إلا أن فكر كل منهما اتخذ مسارا مختلفًا، شكلا خطين متوازيين من التفكير لم يُمحَ أثرهما حتى اليوم، سواء في الشرق أو الغرب.